لماذا نقاتل أمريكا؟!

لماذا نقاتل أمريكا؟!      

الكاتب : سليمان أبو غيث

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة تحت ظلال الرماح

لماذا تفاجئ العالم واستغرب؟! بل لماذا دهشت مئات الملايين من البشر مما حدث لأمريكا في ۱۱/۹/۲۰۰۱؟! فهل ظن العالم أن يكون غير ذلك؟! أم هل توقع العالم أن يحدث أقل من ذلك؟!

إن ما حصل لأمريكا يعتبر أمراً طبيعياً وحدثاً متوقعاً لدولة مارست أسلوب الإرهاب وسياسة الاستعلاء وقانون البطش ضد الأمم والشعوب، وفرضت منهجاً وفكراً وأسلوبا واحداً للحياة، وكأن أفراد المعمورة موظفون في دوائرها الحكومية ومستخدمون في شركاتها ومؤسساتها التجارية.

إن الذين تفاجئوا واستغربوا ولم يتوقعوا… إن هؤلاء لم يعرفوا حقيقة البشر وطبيعة الإنسان وأثر الظلم والطغيان على عواطفه ومشاعره وأحاسيسه، وظنوا أن الظلم لا يُولِّد إلا الخنوع، وأن البطش لا ينجب إلا الاستكانة، وأن الطغيان لا يخلِّف إلا الخضوع والهوان، ولربما ظنوا أيضاً أن هذه الأجواء كفيلة بأن تميت الرجولة وتحطم الإرادة وتنزع الكرامة من الإنسان.

فهؤلاء قد جانبوا الصواب مرتين، مرةً عندما جهلوا حقيقة الاستخفاف بالإنسان، وأخرى عندما لم يعرفوا قدرة الإنسان على الانتصار، هذا بالنسبة للإنسان أي إنسان، فكيف إذا كان هذا الإنسان ممن آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وعلم أن دينه يرفض له الدنية ويأبى عليه الذلة ويأنف من الهوان؟! كيف وهو يعلم أن أمته أخرجت لتكون في مركز القيادة والريادة، في مركز الهيمنة والسيطرة، في مركز الهبة والعطاء؟! كيف وهو يعلم أن الأصل أن تدين الأرض كلها لله، لا لشرق ولا لغرب، لا لفكر ولا منهج إلا منهج الله عز وجل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}؟!

وما دام هذا الإنسان المسلم يعلم هذه الحقائق ويعتقد بهذا المنهج، فلن يتوقف لحظةً واحدةً عن السعي الحثيث للوصول إليه والعمل على تحقيقه، وإن كلفه ذلك روحه التي بين جنبيه، فضلاً على أن يكلفه ذلك وقته وماله وولده، {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.

إن هذه المبررات هي مبررات عفوية وفطرية ينطق بها لسان أي طفل جلس أمام شاشة التلفاز في ذلك اليوم المبارك، لينطق بكل براءة وعفوية: “وهل كانت أمريكا تنتظر أقل من هذا؟!”.

……

تساءلت في الحلقة الماضية مستفهماً؛ عن سبب الدهشة والاستغراب لما حصل بدولة الكفر وهبل العصر أمريكا، وبينت أن ما حدث هو أقل ما يمكن أن يحدث لهذه الدولة، مبرراً لذلك بمبررات عفوية وطبيعية، وأن أي طفل رأى تلك الأحداث لا يملك إلا أن يقول وبكل براءة: “وهل كانت أمريكا تتوقع أقل من هذا؟!”.

فتلك كانت مبررات – كما قلت – أنها عفوية لأي إنسان لا يعرف حقائق الأمور ولا يعلم ما تخفيه الستارة المخملية على مسرح الأحداث من أمور خلفها.

أما المبررات التي ننطلق منها نحن كتنظيم، ونبني عليها تحركاتنا ونرسم من خلالها منهجنا وأسلوبنا في التعامل؛ فهي مبررات عملية واقعية، تشهد بها الوقائع وقراءات الأحداث.

وهي أيضاً مبررات علمية شرعية، تضفي علينا شعوراً من الاطئمنان واليقين بما نقوم به نصرة لديننا وأمتنا.

وليس قصدي من تسطير وتحبير هذه المبررات هو تبرير ما حدث، وإنما أضعها بين أيديكم تأكيداً لاستمرارنا في العمل على ضرب الأمريكان واليهود واستهدافهم – بشراً كانوا أو منشآت – وأن ما سيأتي للأمريكان لن يكون – بإذن الله تعالى – بأقل مما جاءها فلتتربص أمريكا ولتستعد ولتأخذ أهبة الاستعداد ولتربط أحزمة الأمان، فسنأتيهم بإذن الله وحوله من حيث لا يحتسبون، {ونحن نتربصُ بكم أن يصيبكم الله بعذابٍ من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون}.

أما عن مبرراتنا العملية الواقعية:

فهي كثيرةٌ تفوق الحصر، وأكتفي هنا بالإشارة إلى بعضٍ منها، تاركاً للقارئ الكريم حرية التفكير في غيرها من الأمور التي لن يتعب كثيراً في اصطيادها.

فأمريكا هي رأس الكفر في عالمنا المعاصر، وهي زعيمة النظام الديمقراطي الكافر الذي يقوم على أساس فصل الدين عن الدولة وأن يحكم الشعب بالشعب من خلال تقنين القوانين المصادمة لمنهج الله عز وجل والتي تبيح ما حرم الله عز وجل، وهي بذلك ترغم الدول الأخرى على التحاكم إلى هذه القوانين وتلك المناهج، وتعتبر أي دولة تتمرد على هذه القوانين خارجة عن نظام المجتمع الدولي وقانونه، فتتخذ بذلك ذريعة لمعاقبتها ومحاصرتها ومن ثمّ مقاطعتها، وهي بذلك تريد أن يكون الدين لغير الله في هذه الأرض، والله يأبى إلا أن يكون الدين كله له.

وأمريكا – بشراكة اليهود – هي رأس الفساد والانحلال – سواءً كان ذلك الفساد أخلاقياً أم فكرياً أم سياسياً أم اقتصادياً – وهي تتعمد نشر الرذيلة بين الناس وتشيع الفاحشة بينهم من خلال الإعلام الرخيص والمناهج التعليمية الساقطة.

وأمريكا هي سبب كل ظلم وحيف أو بطشٍ يقع على المسلمين، وهي وراء كل النكبات التي حلت وتحل بالمسلمين، فهي غارقة بدماء المسلمين، لا تستطيع أن تخفي ذلك أو تتستر عليه.

ففي فلسطين ومنذ خمسين سنة يمارس اليهود بمباركة الأمريكان ومعاونتهم ومساندتهم والوقوف وراءهم في المحافل الدولية، يمارسون أبشع صور القتل والبطش والتنكيل والتشريد – وأحداث جنين الأخيرة وما قبلها وما سيتبعها من الشواهد التاريخية التي لا تنسى أكبر شاهد على ذلك – فقد شرد اليهود ما يقارب (۵٫۰۰۰٫۰۰۰) فلسطيني، وقتلوا ما يقارب (۲۶۰٫۰۰۰)، وجرحوا ما يقارب (۱۸۰٫۰۰۰)، وعوقوا ما يقارب (۱۶۰٫۰۰۰).

وفي العراق وبسبب القصف والحصار الأمريكي؛ يقتل أكثر من (۱٫۲۰۰٫۰۰۰) مليون ومائتي ألف مسلم، وخلال العشر سنوات الأخيرة يقتل وبسبب الحصار أكثر من مليون طفل، أي ما يعادل (۸۳٫۳۳۳) طفل في الشهر، أي ما يعادل (۲٫۷۷۷) طفل يومياً، وفي ملجأ العامرية وفي يومٍ واحد يقتل (۵٫۰۰۰) عراقي، فهل هذه الأرقام لمنشئات عسكرية؟!

وفي أفغانستان قتلت أمريكا في حربها مع الطالبان والقاعدة (۱۲٫۰۰۰) مدني أفغاني و (۳۵۰) مجاهداً عربي، بما فيهم النساء والأطفال، حيث قضت عوائل بأكملها من المجاهدين العرب في سيارتهم، بعد أن قصفهم الطيران الأمريكي بالمروحيات بصواريخ مضادة للدبابات، حتى أن البعض لم يوجد له أثر سوى أشلاء متناثرة هنا وهناك.

وفي الصومال قتلت أمريكا أكثر من (۱۳٫۰۰۰) صومالي، وفعلوا أشكال الفاحشة بالصبيان والنساء.

أما موقف أمريكا من نصارى العالم ضد المسلمين؛ فأمطِ اللثام وحدث ولا حرج، ففي السودان والفليبين وإندونيسيا وكشمير ومقدونيا والبوسنة وغيرها من المآسي ما يندى له الجبين.

أما ما تفرضه أمريكا من حصار على الدول الإسلامية عقاباً لها على تمردها على قوانينها؛ فقد طفح الكيل بها وتحمل المسلمون بسببها الخسائر الاقتصادية ما يفوق الخيال.

فبعد هذا كله ألا يحق للفريسةِ وهي تربط وتجر إلى منحرها أن تتفلت؟! ألا يحق لها وهي تذبح أن ترفس برجلها؟! ألا يحق لها بعد ذبحها أن تصيب ناحرها بدمها؟!

أبعد هذا كله يذرف البعض دموع التماسيح لما حل بدولة الكفر ويحاولون تبرئة الإسلام كـ “البله” مما يجري لها، ويطلبون عطفها ولطفها في التعامل مع المسلمين، ويرسلون الرسل والمراسيل للمجاهدين برجاء الكف عن مناطحة “هبل”، وهل يظنون منا ذلك؟!

فلا والله، فإننا قد نبذنا إلى الأمريكان وهم نبذوا إلينا، فلا نجونا إن نجوا، ولا خير فينا إن تراءت نيراننا، ولا عزة ولا كرامة إن لم نثأر لإخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان وفي كل مكان.

بل نحن نحمد الله عز وجل أن جعل رأس هذا التحالف هم الأمريكان، حتى يميز الله الخبيث من الطيب ،{ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}.

ونحمد الله ثانياً؛ أن أعلنوها صريحةً أنها حرب صليبية، فقد اتضحت الراية، فما ثمَّ إلا خندق الإيمان أو خندق الكفر.

ونحمد الله ثالثاً؛ أن جعل العالم الكافر ومن معه من المرتدين يتميزون، حتى تتجلى للأمة الحقيقة وتتضح الصورة ويرتفع الملام.

……..

إن المبررات الشرعية التي ننطلق منها في جهادنا ضد الأمريكان والتي تملؤنا يقيناً واطمئناناً في نصرة ديننا وعقيدتنا وأمتنا؛ كثيرةٌ، ليس المجال مجال سردٍ لها، وهي مبسوطة في مواضعها في كتب أهل العلم.

وهذه المبررات لا يجادل فيها ولا يردها إلا ذلك الذي يعيش في دائرة الخوف، محوره فيها؛ {نخشى أن تصيبنا دائرة}، أو ذلك المتسلل لواذاً يحسب أنه يدفع شراً أو يجلب مصلحة، أو ذلك الذي يتقن فن التربص؛ {فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين}، ظناً منه أنه يتمتع بأعلى درجات الذكاء والمناورة السياسية! أو ذلك الراكع أمام عتبات أبواب الطواغيت طمعاً بمنصب أو ترقيةً أو هبةً أو عطية !

وهؤلاء – ولله الحمد – ما أثنونا يوماً واحداً عن مواصلة طريقنا وجهادنا وهمنا ومهمتنا، ولن يثنونا بإذن الله عز وجل.

وفي هذه المقالة؛ سأعرض لمبررٍ واحدٍ يكفينا للجهاد ضد الأمريكان واليهود ومن سار على منوالهم إلى أن يمنعوا من تحقق ذلك المبرر الشرعي على أفعالهم، ألا وهو المعاملة بالمثل.

قال تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، وقال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}، وقال تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}.

وكلام العلماء واضحٌ في هذه الآيات، كابن تيمية رحمه الله في “الاختيارات” و “الفتاوى” وابن القيم في “أعلام الموقعين” وفي “الحاشية” والقرطبي في تفسيره والنووي في “المهذب” والشوكاني في “نيل الأوطار” وغيرهم رحمهم الله.

ومن يرجع إلى تلك المراجع يصل إلى نتيجة، ألا وهي أنهم اتفقوا على أن العقوبة بالمثل الواردة في الآيات ليست خاصة بالمثلة التي كانت سبباً لنزول أحدها، بل هي عامة في القصاص والحدود والمعاملة مع الكفار ومع فساق المسلمين والظلمة، فإذا جاز الاقتصاص من المسلم بمثل جريمته فهي في حق الكافر الحربي بمثل معاملته للمسلم من باب أولى.

وعلى حسب ما ذكرته من أرقام في الحلقة السابقة لعدد الأرواح التي أزهقت من المسلمين على أيدي الأمريكان بشكل مباشر أو بالمساندة والمساعدة والتأييد – على حسب ذلك – فإننا ما زلنا في بداية الطريق ولم يذق الأمريكان منا حتى الآن ما ذقناه على أيديهم، فما قتل منهم في مبني التجارة العالمي والبنتاغون هو فقط مقابل ما قتل في ملجأ العامرية في العراق، وهو جزء يسير مقابل ما قتل في فلسطين والصومال والسودان والفليبين والبوسنة وكشمير والشيشان وأفغانستان.

ونحن لم نصل معهم إلى الإنصاف، وإلا فلنا الحق بقتل أربعة ملايين أمريكي، منهم مليون طفل، وتشريد ضعف هذا العدد، وجرح وإعاقة مئات الألوف، بل من حقنا أن نحاربهم بالأسلحة الكيماوية والجرثومية لتصيبهم الأمراض الفتاكة والغريبة والعجيبة التي أصابت المسلمين بسبب أسلحتهم الكيماوية والجرثومية.

إن أمريكا لا تعرف إلا لغة القوة وسيلة لإيقافها عند حدها ولترفع يدها عن المسلمين وقضاياهم، إن أمريكا لا تعرف لغة الحوار! ولا لغة التعايش السلمي! ولا النداءات! ولا الشجب والاستنكار! إن أمريكا لا يردها إلا الدم؛ {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين}.

نعم، ويشف صدور قومٍ مؤمنين، يشفي صدر أمٍ فقدت طفلها، ويشفي صدر زوجةٍ فقدت زوجها، ويشفي صدور الأطفال اليتامى والنساء الثكالى والشيوخ الحيارى، يشفي صدور المشردين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق.

وأخيراً…

نقول لإخواننا المستضعفين في كل مكان:

إننا قد عاهدنا الله تعالى على نصرة دينه وعبادهِ المستضعفين، فلن نترككم في دياجي الظلم والطغيان والبطش والامتهان، بل سننصركم بإذن الله بكل ما نملك، لأننا نعرف جيداً ما لا يعرفه المرجفون والمخذلون، نعرف جيداً ما لا يعرفه علماء السلطان، نعرف جيداً ما لا يعرفه المتلونون المتقلبون المتشكلون، نعرف جيداً ما لا يعرفه المتربصون، نعرف جيداً ما لا يعرفه دعاة المظهر لا المخبر.

نعرف جيداً حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود والطبراني بإسناد حسن: (ما من امرئ يخذل مسلماً في موطنٍ ينتقصُ فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موطنٍ ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته).

ونعلم جيداً ما قاله أويس القرني، متحملين ما يأتينا: (يا أخا مراد إن قيام المؤمن بأمرِ الله لم يبق له صديقاً، والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداءً ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً، حتى والله إنهم يقذفوننا بالعظائم، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول الحق).

ونحن والله لا يمنعنا أن نقول الحق ونقوم بالحق ونعمل من أجل إحقاق الحق.

والله المستعان.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *